الأحد، 22 يونيو 2025

06:56 م

التجارة العالمية في زمن التصعيد: حرب إيران وإسرائيل تهدد استقرار الأسواق وسلاسل الإمداد

الأحد، 22 يونيو 2025 10:02 ص

investyy

صورة

صورة

في مشهد يعيد للأذهان توترات ما بعد حرب العراق والربيع العربي، تعيش التجارة العالمية اليوم على وقع أزمة جديدة تهدد استقرارها، بعد انخراط الولايات المتحدة وإسرائيل في ضربات عسكرية على الأراضي الإيرانية، واستمرار التهديدات الإيرانية بالتصعيد، بما في ذلك إغلاق مضيق هرمز، شريان الطاقة العالمي.

هذا التصعيد العسكري لا يُنظر إليه باعتباره أزمة إقليمية فحسب، بل كحدث قادر على تغيير قواعد اللعبة في التجارة العالمية، وإعادة رسم شبكات النقل، والتدفقات اللوجستية، وأسواق الطاقة.

شريان مضيق هرمز… في مهب الحرب

يمر عبر مضيق هرمز نحو 20 مليون برميل من النفط يوميًا، أي ما يعادل ثلث صادرات النفط المنقولة بحرًا في العالم. وفي حال قررت إيران تنفيذ تهديدها بإغلاق المضيق، فإن العالم سيشهد

• قفزة في أسعار النفط قد تتجاوز 150 دولارًا للبرميل.

• تعطّل شبه كامل لصادرات الخليج من النفط والغاز.

• ارتفاع حاد في كلفة الشحن والتأمين البحري.

• تباطؤ حاد في سلاسل الإنتاج، خاصة في آسيا وأوروبا.

يقول د. أمجد فاروق، خبير في اقتصاديات الطاقة:

“هرمز ليس مجرد مضيق مائي، بل ميزان تجاري حساس. أي إغلاق – حتى لو مؤقت – يمكن أن يشل الصناعات العالمية من كوريا إلى كندا.”

سلاسل التوريد العالمية… هشاشة متفاقمة

منذ أزمة جائحة كوفيد، تبذل الشركات العالمية جهدًا لتقوية سلاسل الإمداد، لكن الأحداث الأخيرة في الخليج كشفت مدى الهشاشة القائمة:

• موانئ الخليج تُعد محاور لوجستية عالمية (دبي، الدمام، الفجيرة).

• اضطراب التجارة عبر هرمز يعني توقف شحنات الحديد، البتروكيماويات، والغاز المسال.

• شركات الشحن تعيد توجيه مساراتها بعيدًا عن الخليج، ما يؤدي إلى تأخيرات واسعة وتكاليف إضافية.

تقول ليزا تانغ، مديرة استراتيجيات التجارة في شركة Maersk العالمية:

منذ الهجوم الأول على إيران، ارتفعت تكلفة الشحن عبر الخليج بنسبة 18%. وإذا استمرت التهديدات، فقد نتجه لنقل بعض العمليات إلى موانئ بديلة في آسيا وأفريقيا.

الأسواق المالية: تذبذب واسع وثقة مهددة

• الأسواق الآسيوية والخليجية تسجل تراجعًا في المؤشرات الصناعية والتجارية.

• أسعار الذهب تشهد صعودًا متسارعًا باعتباره ملاذًا آمنًا.

• الدولار يشهد ضغطًا مضاعفًا وسط تدفق رؤوس الأموال نحو الولايات المتحدة.

• أسواق الغذاء والنقل تشهد موجات تضخمية نتيجة ارتفاع أسعار الوقود.

يقول جوزيف كولمان، كبير الاقتصاديين في Morgan Invest:

إذا استمرت الحرب أكثر من أسبوعين دون تدخل دبلوماسي، فإننا نتحدث عن تأثير يعادل أزمة 2008 ولكن بطابع نفطي وتجاري.

نحو مرحلة جديدة من التجارة: “أمان أولًا”

تشير الدراسات الأولية في مراكز الأبحاث الأوروبية والأميركية إلى أن التجارة العالمية ستتجه نحو:

• إعادة توزيع سلاسل الإنتاج خارج مناطق التوتر.

• اعتماد تأمين مزدوج للمخاطر الجيوسياسية.

• الاستثمار في البنية التحتية اللوجستية الإقليمية (مثل أفريقيا الشرقية وآسيا الوسطى).

• نمو مفهوم “الأمن التجاري” على حساب “الكفاءة التجارية”.

خلاصة القول أن حرب إيران وإسرائيل قد تتحول من أزمة أمنية إلى زلزال اقتصادي عالمي، إذا استمر التوتر وامتد إلى طرق التجارة والنفط.

إن مستقبل التجارة لن يعود كما كان: لم تعد الكفاءة اللوجستية وحدها كافية، بل أصبح الأمن الجغرافي، والتنوع، والمرونة هي المفاتيح الجديدة لعالم أكثر هشاشة وأقل يقينًا.

search